للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً﴾ والبلد هو مكة بعد أن بنى فيه إبراهيم وإسماعيل البيت الحرام، أراده إبراهيم بلد أمن وسلام واطمئنان، يشعر فيه الناس بالأمان من أي عدوان بغض النظر عن خلافاتهم، ويحرم فيه القتال ﴿وَاُجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾ أي ثبتني وذريتي على تجنب عبادتها وعلى الإسلام، وهذا الدعاء طلبا للسلام الروحاني الناتج عن التوحيد وتأكيدا لعدم الانحراف نحو الشرك سواء بالتقليد الأعمى للآباء والأجداد وبظلم العقل أو بالوقوع تحت تأثير الزعماء أو المتسلطين أو المفسدين الضالين والمضلّين وسواء كانت الأصنام من البشر أو الجماد،

﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٣٦)

٣٦ - ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ﴾ أي الأصنام ومن بمنزلتها كما سبق وصفه ﴿أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ﴾ ممّن لا يملكون الوعي الصحيح أو لا يدققون في الأفكار التي تطرح عليهم ويقلدون غيرهم فيما لا يعقلون ولا يعلمون ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي﴾ من الناس فيما أنا عليه من اليقين والتوحيد المحض ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ أي في ديني واعتقادي ﴿وَمَنْ عَصانِي﴾ واستكبر مع وصول الدعوة إليه ﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ترحم الناس وتمهلهم وتمتّعهم في الدنيا ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتغفر لمن استحق المغفرة منهم، وتعاقب من استوجب لنفسه العقوبة،

﴿رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَاُرْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ (٣٧)

٣٧ - ﴿رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ وهم إسماعيل وذريته الذين استقروا في مكة ﴿بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ واد صخري قاحل وهو وادي مكة، فإسكان ذريته هنالك لم يكن طلبا في مكاسب دنيوية مادية لأن الأرض لا توفر ذلك ﴿عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ الذي حرّم الله تعالى التعرض له والتهاون به ﴿رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ وهو الغرض من ترك ذريته في هذا الموقع المبارك أي ليقيموا العبادة في

<<  <  ج: ص:  >  >>