٢٠١ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ اِتَّقَوْا﴾ الجهالة والغضب ﴿إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ﴾ مسّتهم وسوسة من الشيطان تغريهم بالحمية الجاهلية وبالغضب وبالمعصية، - والطائف اسم فاعل من طاف بالشيء إذا دار حوله - والآية جعلت الوسوسة طائفا للإشعار بأنها وإن مسّت المتقين فإنها لا تؤثر فيهم، فكأنها طافت حولهم ولم تصل إليهم، وفي ذلك عودة إلى موضوع الآية (١٧)، ﴿تَذَكَّرُوا﴾ تذكّروا ما أمر الله به وما نهى عنه، أو تذكّروا أنّ الطائف من وسوسة الشيطان، أو تذكّروا الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ﴿فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ مبصرون لمواقع الخطأ، مبصرون غير غافلين، يحاسبون أنفسهم، فتزول عنهم وساوس الشيطان، وقد ذكر الرازي أن الطائف من الشيطان يطلق أيضا على الغضب، وقالوا إن الطيف في كلام العرب الجنون، ثم قيل للغضب طيف، لأن الغضبان يشبه المجنون، وأنه إذا تذكّر الاستعاذة يحصل له الاستبصار والانكشاف والتجلّي، ويتخلّص من وسوسة الشيطان، فيعمل بما أمر الله به من ترك إمضاء الغضب، وترك الإيذاء والانتقام، واختيار العفو،
﴿وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ﴾ (٢٠٢)
٢٠٢ - ﴿وَإِخْوانُهُمْ﴾ أي إخوان الشياطين، وهم غير المتقين، بالمقابلة مع المتقين المذكورين آنفا، وتسميتهم إخوان الشياطين مجاز لأنهم مثلهم ﴿يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ﴾ الشياطين يمدّون غير المتقين، أي يكونون مددا لهم بتقوية الوسواس والحض على الجهالة ﴿ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ﴾ الشياطين لا يكفّون عن الوسوسة وإضلال غير المتقين حتى يصرّوا ولا يرجعوا، وفي الوقت نفسه فإن غير المتقين لا يكفّون عن العمل بالمعاصي، أي يزداد المغوي إضلالا، ويزداد الغاوي ضلالا.
ويحتمل أيضا أن يكون معنى إخوانهم: الإخوان الجاهلين غير المتقين، فهم يريدون الدخول مع المتقين في جدل ومناقشات عقيمة، وقد يستفزونهم إلى الغضب ولعمل ما لا ينبغي، ويحاولون استدراجهم إلى الخطأ والمعصية، فالذين