للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فأمره تعالى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر ليلا، وأوحى إليه أن فرعون وجنده سيطاردونه: ﴿فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ (٢٣)

كما أمره أن يترك طريق البحر بينه وبين فرعون وجنده كما كان، يدخلون فيغرقون: ﴿وَاُتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾ (٢٤)

فغرقوا وتركوا وراءهم ما كانوا مخوّلين به من نعم كثيرة في الدنيا: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ﴾ (٢٥ - ٢٧)

وورث بنو إسرائيل هذه النعم في فلسطين مؤقتا: ﴿كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ﴾ (٢٨)، إلى أن فشلوا في الاختبار بدورهم، انظر آيات [الأعراف ١٣٧/ ٧] و [الشعراء ٥٩/ ٢٦].

والنتيجة أن فرعون وجنده لم يكونوا جديرين أن يكترث لهلاكهم، إذ فوّتوا على أنفسهم فرصة التوبة، وليس من فرصة بعد الفوات: ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ﴾ (٢٩)

ونجّى تعالى بني إسرائيل من طغيان فرعون وعذابه واستكباره وإسرافه:

﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ (٣٠ - ٣١)

وقد اختار تعالى بني إسرائيل لحمل رسالة التوحيد لكونهم موحّدين غير مشركين في ذلك الزمن، وعلى علمه تعالى المسبق أنهم سيفشلون في الاختبار بعد حين: ﴿وَلَقَدِ اِخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ﴾ (٣٢)،

ثمّ ضلّوا واعتبروا أنفسهم "الشعب المختار" استعلاء وتفضيلا لأنفسهم على غيرهم من البشر، ونسوا أن الرسالة السماوية مسؤولية وعبء وليست امتيازا كما ظنّوا ويظنّون: ﴿وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)﴾،

<<  <  ج: ص:  >  >>