للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن البعض من الناس في حالة بين الشك واليقين ليس فقط في الإسلام، وإنما أيضا في العاقبة والحساب: ﴿كَلاّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ [٨٢ - ٩]، في حين أن العقل البشري عاجز كل العجز عن إدراك كنه ذلك اليوم: ﴿وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [١٧/ ٨٢ - ١٨].

[النظم في السورة]

﴿تبدأ السورة بالإشارة إلى نهاية الكون المادي الظاهر: ﴿إِذَا السَّماءُ اِنْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَواكِبُ اِنْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ﴾ (١ - ٣)

إيذانا بوقوع الساعة والبعث: ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ (٤)

وقتئذ تدرك كل نفس فجأة الدوافع الحقيقية لما قامت به من عمل - أو ما تعمّدت أن تترك من عمل - في حياتها الدنيا، بما في ذلك العمل الصالح الذي قامت به، والطالح الذي تفادته، وكذلك العمل الطالح الذي ارتكبته والصالح الذي لم تعمل به: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ (٥)

وأن الإنسان في دنياه لا يخلو من غرور: ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ (٦)، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَاِتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال ٢٥/ ٨] أي حتى المتقين عرضة للوقوع في الإغراء المادي والشهواني عندما يقعون ضحية لغرورهم بأنهم من أهل التقوى والصلاح.

مع أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ملائم لمعيشته ولبيئته وزوده بالإمكانات الفكرية والروحية التي تسمو به وبحيث لا يكون عنده من تناقض بين حاجاته الفكرية والجسدية بل يكمل بعضهما الآخر: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ (٧ - ٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>