الآية، والخمر ليس مقتصرا على المشروبات الكحولية بل كلّ ما شأنه أن يعطّل الفكر، وفي الحديث:«كلّ مسكر خمر، وكلّ خمر حرام».
وأمّا الميسر فهو القمار، والأنصاب هي الحجارة أو الأوثان التي نصبوها للعبادة، وكانوا يذبحون القرابين عندها ظنّا منهم أنها تقربهم إلى الله تعالى، ويدخل في ذلك كل الممارسات الوثنية كتقديس الأضرحة والأولياء ودعاؤهم والاعتقاد بمقدرتهم.
والأزلام هي السهام كانوا يقترعون بها تفاؤلا أو تشاؤما كي يختاروا ما عليهم عمله، وكل هذه الأمور رجس، أي إنها عمل شيطاني مستقبح ماديا ومعنويا.
﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ أي فاجتنبوا هذا الرجس، وقالوا إن الأمر بالاجتناب أبلغ من الأمر بالترك، لأنّ الاجتناب يفيد بالإضافة إلى الترك، البعد عن المتروك، كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ﴾ [النجم: ٥٣/ ٣٢]، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وقد أضاف تعالى الفلاح لمن يجتنب هذه الأشياء.
٩١ - ﴿إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ لأنه عند ما يثمل المرء يفقد عقله وتستولي عليه الشهوة، ويسارع إليه الانفعال، وقد تحصل المشاحنة بينه وبين غيره، وكذلك في الميسر عندما يخسر ماله، فالخمر والميسر سببان من أسباب خراب النظام العائلي والمجتمع ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ﴾ لأنه في الحالتين يستغرق المرء فيما هو فيه من الثمالة أو الانهماك في الميسر ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ وهو استفهام يتضمن الأمر بالانتهاء، قال الزمخشري هو من أبلغ ما ينهى به، لأنه تعالى عدّد ما ينطوي عليه الخمر والميسر من الرجس ومن عمل الشيطان، وقرنها بالأنصاب