١٧ - ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ تتمة جواب النبي ﷺ للكفار وللمشركين، أي ليس هنالك أظلم ممّن يفتري الوحي، لما زعموه عنه، وينسبه إلى الله تعالى، انظر [البقرة ٧٩/ ٢]، ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ﴾ ولا أظلم ممّن يكذّب بآيات الوحي كما يكذّب بها الجاحدون ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ﴾ الذين يكذّبون الوحي، فلا يفوزون بمبتغاهم في الدنيا والآخرة.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (١٨)
١٨ - ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ﴾ وهم المشركون في كل الأزمنة، فبدلا من انجلاء الحقيقة في عقولهم، يصرّون على عبادة الأوثان و"الوسطاء" وتعظيم قبور الأكابر التي لا تقدر على نفع ولا ضر، فإن عبدوها لم تنفعهم، وإن تركوها لم تضرّهم ﴿وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ﴾ بزعمهم، يعتقدون أن عبادة "الوسطاء" تشفع لهم عند الله ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ﴾ أي بشفعاء موهومين؟ انظر الآية (٣)، وما ينطوي عليه ذلك من إنكار لعلم الله القديم ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ تنزيه لله تعالى عما يزعمون من الشركاء والشفعاء.
١٩ - ﴿وَما كانَ النّاسُ إِلاّ أُمَّةً واحِدَةً﴾ كانوا أمة واحدة على الفطرة والتجانس في حياتهم البسيطة الأولى، وفي الحديث:«كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، ثم بعث الله فيهم النبيين برسالة واحدة هي رسالة الإسلام، أي إسلام الأمر الله وحده، والإسلام بهذا المعنى يشمل جميع الأديان التي جاء بها الأنبياء لأنّ أصلها التوحيد والاستسلام لله