للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً﴾ (٨)

٨ - ﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ بأن يذيقكم عذاب الدنيا قبل الآخرة ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ﴾ إلى الفساد والافساد ﴿عُدْنا﴾ إلى عقابكم ﴿وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً﴾ كلّما تكررت جرائمكم ومعصيتكم وإفسادكم عدنا إلى عقابكم، وتلك سنّته تعالى في الخلق وفي نظام الأسباب والمسببّات من حيث إنّ الأمم التي تطغى وتنشر الفساد تؤول عاقبتها إلى الدمار والزوال وعذاب الدنيا، قبل ما ينتظرها من عذاب الآخرة،

غير أن الأستاذ بسام جرار رأى في كتابه زوال إسرائيل أن المرة الثانية المشار إليها بقوله تعالى: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ متعلقة بدولة إسرائيل الحالية، لأنه بعد زوال دولتهم في نهاية المرة الأولى بالعام (٥٨٦ ق م) لم تقم لليهود دولة بالمعنى الكامل إلا في العصر الحديث اعتبارا من العام ١٩٤٨، صحيح أنهم عادوا من النفي البابلي إلى فلسطين عام (٥٣٧ ق م) عندما سمح لهم قورش ملك الفرس بذلك لكنهم بقوا تحت حكم الفرس، ثم تحت حكم اليونان عند اجتياح الإسكندر الكبير لشرق المتوسط، وتبعه حكم السلوقيين إلى أن احتلت روما فلسطين، العام ٦٢ ق م، وخلال تلك الفترة كلها لم يكادوا يحققوا سوى حكما ذاتيا بسيطا تحت زعمائهم المكابيين منذ العام ١٦٤ ق م حتى اجتياح روما لهم عام ٦٢ ق م، ومن الصعوبة أن ينطبق على تلك الفترة نصّ الآية:

﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ (٦)، أو نصّ الآية: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً﴾ (١٠٤)، بقدر ما تنطبق هذه الآيات على دولة إسرائيل الحالية ما يدل أن النبوءة: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧)﴾ سوف تتحقق بدخول المسلمين بيت المقدس لتصبح لهم اليد العليا فتظهر سوءات اليهود للعالم وتنفضح صورتهم الإعلامية المزيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>