للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ﴾ (٦٦)

٦٦ - ﴿أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ من عابدين ومعبودين على السواء، فالكل عبيده مملوكون له ﴿وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ﴾ بمعنى النفي أي ما يتبعون حقيقة الشركاء، وإن كانوا يسمونهم شركاء، إذ لا شركاء له تعالى - فتكون شركاء منصوبة بفعل يتّبع -، ويحتمل المعنى أيضا أن يكون التعبير بمعنى الاستفهام: يعني وأي شيء يتّبع هؤلاء الذين يدعون من دون الله شركاء؟ - فتكون شركاء منصوبة بفعل يدعون - والمغزى أنهم يتّبعون أوهامهم، ويحتمل المعنى أيضا أن يكون التعبير معطوفا على ﴿مَنْ﴾، أي وله شركاؤهم، وفي قراءة «تدعون» بالتاء فيكون المعنى: وأي شيء يتّبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين؟ إنهم يتبعون الله وحده ويطيعونه، انظر آية [الإسراء ٥٧/ ١٧]، فما بالكم لا تفعلون مثلهم؟ ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾ إن يتبع المشركون إلاّ ظنّهم وليس فيه من اليقين والحقيقة شيء ﴿وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ﴾ يخمنّون تخمينا ويحزرون حزرا، لأنّ أصل الخرص الحزر والتخمين والتقدير، ثمّ لكثرة الخطأ فيه أطلق على الكذب.

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ (٦٧)

٦٧ - ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً﴾ هذا استدلال على ما قبله من نفي الشركاء، وأن القدرة الكاملة والنعمة الشاملة لله وحده، وهو دليل على تفرده سبحانه باستحقاق العبادة، والمعنى: هو الذي جعل لكم الوقت قسمين بمحض حكمته ورحمته: أحدهما الليل جعله مظلما للسكون بعد تعب النهار، والثاني مبصرا - أي معطي الإبصار - للانتشار والعمل في الأرض ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ﴾ أي حججا ودلالات ﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ الحجج سماع فقه وتفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>