للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتظليل الغمام عليهم في صحراء التيه، وانفجار الماء من الصخر باثنتي عشرة عينا.

﴿يا قَوْمِ اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ﴾ (٢١)

٢١ - ﴿يا قَوْمِ﴾ استمرار خطاب موسى لهم ﴿اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾ وهي فلسطين، وسمّيت مقدسة لكثرة ما بعث فيها من الأنبياء ﴿الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ أي كتب الله لكم دخولها والدعوة إلى دين الله فيها، وليس في الآية ما يدل على اختصاص فلسطين بهم وحدهم دون غيرهم من الناس، ولا امتلاكها أبد الدهر فذلك مخالف للواقع التاريخي، كما أن وعد فلسطين لهم مرتبط ومشروط بحمل الدعوة والرسالة الإلهية لغيرهم من الأمم، وفشلوا في ذلك أشدّ الفشل، وقد ساكنهم في فلسطين، منذ أن دخلوها، غيرهم من الأمم كالكنعانيين والآشور والكلدان واليونان والرومان، ولم تحصل لليهود الدولة الدنيوية في جزء من فلسطين سوى حوالي أربع مئة عام وهي ما بين ملك طالوت (شاؤل) عام ١٠٢٠ ق. م وحتى سقوط القدس بيد نبو خذنصّر عام ٥٨٦ ق. م.، فقد حكمهم الفرس ثم اليونان ثم الرومان، إلى أن أجلاهم الرومان عن فلسطين نهائيا عام ٧٠ م فكان بداية عصر الشتات لهم الذي استمر قرابة ألفي عام، وقد دخل المسلمون القدس عام ٦٣٨ م في خلافة عمر، وكان من شروط الفتح التي وضعها بطرك القدس أن لا يدخلها اليهود كما هو مدوّن في العهدة العمرية، انظر شرح الآية (٣٣)﴾ حيث عاقبهم تعالى بالنفي من أرض فلسطين نهائيا، وأن إقامتهم فيها لا تكون دائمة ﴿وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ﴾ أي لا تنكصوا إلى الوثنية والضلال، كما كان دأبكم، فتخسروا دينكم ودنياكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>