عن عباده الضر الذي توصّلوا إليه بأنفسهم واستحقوه بأعمالهم، كنتيجة طبيعية لسنته تعالى في خلقه، كما هو قادر على إيصال الخير إليهم إذا اتبعوا السبل المؤدية إليه، وذلك بمعنى قوله: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١٣/ ١١].
١٨ - ﴿وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ قاهر عباده من المؤمنين والكفار، وكبار القوم وصغارهم على السواء، كلهم خاضع للسنن التي أوجدها تعالى في الكون لا يخرج عنها، ولكلّ منهم أجل لا ينفك منه ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ في خلقه وتدبيره.
١٩ - ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ لأن شهادة الله تعالى أكبر الشهادات إطلاقا - وشهادته تعالى من قبيل المجاز - لأنّ ما أنزل من معجزة القرآن ومن الوحي على الرسل مؤيّدا بالبراهين يدلّ على التوحيد، وما أوجد من الدلائل في الخلق وفي الأنفس وفي العقول، وكل ما هو ظاهر من السنن الكونية ودقّتها ونظامها هي من قبيل الدلائل الكونية على الوحدانية، لأنّ وحدة النظام تدلّ على وحدة واضعه ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ أي ومن بلغه هذا القرآن، والمعنى عموم بعثة خاتم الأنبياء والرسل محمد ﷺ إلى الناس أجمعين من عرب وعجم في كل الأزمنة والأمكنة، وشبيه بذلك قوله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٦٢/ ٣].
﴿أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى﴾ رغم أن هذا القرآن قد بلغكم؟ والخطاب للمشركين عامة ولأهل الكتاب خاصة، بدليل الآية التالية، فكيف