٢٧٦ - بعد أن شرح تعالى في الآيات المتقدّمة مواضيع الربا والصدقات بيّن في هذه الآية عاقبة كلّ منها وهي محق الربا وإرباء الصدقات، أما المحق فهو النقصان، والإرباء هو النموّ، ويتّضح معنى الآية بقوله ﷺ«الربا وإن كثر فإنّ عاقبته إلى قلّ» رواه أحمد في مسنده عن ابن مسعود، فالبركة تزول عن مال المرابي لأنه يستغرق في حب الدنيا، ويتهالك عليها، ويصبح جمع المال شغله الشاغل، وهدفا نهائيا بذاته، فيختلّ تفكيره ويفقد توازنه ولا يهنأ بكسبه، وتعمى بصيرته عن الحقيقة وعن الآخرة، وتؤول عاقبته إلى العداوة والكراهية بينه وبين الناس.
وتلاحظ العواقب الوخيمة للربا في الحياة الاقتصادية للأمّة على نطاق واسع: فالقروض الربوية منها الاستهلاكية التي يضطرّ لها الفقراء للوفاء باحتياجاتهم المعيشية اليومية، ومنها قروض الاستثمار التي قد يحتاجها بعض التجار والصناعيين والمزارعين لتأسيس أو تشغيل مشاريعهم.
أمّا القروض الاستهلاكية فمن الواضح أنّها تؤدي إلى خراب المجتمع، لأنّ الفقير يقترض ما يحتاجه لسداد قوته اليومي، فيكون عبء الربا من الثقل بحيث لا يستطيع سداد الدين الأصلي، بل قد يحتاج للاقتراض من جديد لسداد الفوائد، وهكذا قد يدفع أضعاف الدين الأصلي ويبقى أصل المبلغ دون سداد، والنتيجة أن فئة قليلة من الناس تستغل الأكثرية بامتصاص مجهودها فينخفض الإنتاج على المدى الطويل وتتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية معا وتنمو بذور الاضطرابات ويتفكك المجتمع.