للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنّا وَاِشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ﴾ (١١١)

١١١ - ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنّا وَاِشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ﴾ المعنى أنه تعالى ألهم الحواريين أن يؤمنوا بالمسيح بعد ما طلبوا منه معجزة خارقة، وهي إنزال مائدة من السماء - الآية التالية - وذلك من تتمة نعمه تعالى على عيسى المذكورة في الآية السابقة، والإيحاء إلى الحواريين بمعنى الإلهام كقوله تعالى: ﴿وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل:

١٦/ ٦٨]، والحواريون مفردها حواري وهو من خلص لصاحبه، وأصله في اللغة الأبيض خالص النقاء والبياض.

﴿إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اِتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (١١٢)

١١٢ - ﴿إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ هذا السؤال من الحواريين لعيسى يبيّن بوضوح إيمان الحواريين بأن عيسى مجرد بشر، وأن عيسى نفسه لم يدّع غير ذلك، وأن لم تكن عنده أي مقدرة على عمل الخوارق من تلقاء نفسه، وأن الخوارق إذا حصلت فمن الله ﴿قالَ اِتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي كيف تطلبون المعجزات الخارقة، وأنتم مؤمنون؟ والمغزى أن المؤمن يجب أن يتقي عاقبة مثل هذا الطلب، لأنه بعد نزول المعجزة الخارقة يتضاءل ثواب الإيمان بالغيب، أو ينتفي بالكامل، فمن جهة، يكون نزول المعجزة نوعا من الإجبار على الإيمان، ولا يليق ذلك إلاّ بمن هم في طفولة عقلية - كمثل بني إسرائيل - إذ فشلوا في استخدام ملكاتهم العقلية للوصول إلى الإيمان، ومن جهة ثانية قد يتعرض طالب المعجزة للعقاب الشديد لأقل هفوة يرتكبها بعد أن يكون قد لمس خوارق الإعجاز لمس اليد، فلم يعد لديه عذر في المعصية والانحراف عن الطريق السوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>