والتوفيق، بل تكون عاقبة كيدهم الفضيحة والخذلان، مثلما أننا كدنا له فلم يكن عاقبة كيدنا إلا الخذلان والفضيحة حتى شهدنا له في هذا المجلس، وأقررنا بالذنب على أنفسنا.
ويحتمل كلامها معنى آخر وهو: أن ذلك الذي اعترفت به ليعلم زوجي أني لم أخنه في خلوتي أو خلوتي مع يوسف وكل ما هنالك أني راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن برأت يوسف من الإثم فلا أبريء نفسي، - كما سيرد في تتمة الخطاب -.
وأما نسب خطاب هذه الآية ليوسف - كما يرى البعض - فلا يستقيم لأسباب: أولا أن يوسف لم يكن حاضرا المجلس ليدلي بهذا الكلام، وثانيا أن العزيز كان مقتنعا أصلا أن يوسف لم يخنه بالغيب إذ شاهد قميصه قدّ من دبر فقال لامرأته: ﴿وَاِسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ﴾ (٢٩)، وامرأة العزيز لم تتهم يوسف بل سبق أن اعترفت بقولها: ﴿وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (٣٢)، وكررت اعترافها بقولها: ﴿أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ﴾ (٥١)، وأما ما بدا لهم من سجنه فدفعا للفضيحة وللحيلولة بين المرأة وبين يوسف لما كان يعتلج في صدرها من عشق شديد له، وثالثا الكلام موصول بعضه ببعض من عبارة: ﴿قالَتِ اِمْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ فالقول أن بعضه كلام المرأة وتتمته كلام يوسف، وافتراض مجلسين منفصلين، كما افتراض تخلل الفواصل بين القولين لا مبرر له، ورابعا تتمة القول: ﴿وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ في الآية التالية واضح أنه كلام اعتذار من المذنبة ولا يصح أن يصدر عن يوسف لأن البراهين قاطعة في براءته من الذنب.
٥٣ - ﴿وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ وهو اعتراف المرأة بذنبها صراحة، ثم عللت الذنب بقولها: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ إشارة إلى أن النفس بطبعها كثيرة الميل إلى الشهوات، بل المعاصي، وهي أيضا إشارة لضعف النفس البشرية