﴿وأعمتهم الحياة الدنيا وماديتها عن الآخرة، حتى أنكروا البعث والآخرة كما هو واضح من كتبهم "المقدسة" وسلوك رجال الدين منهم وعصبيتهم تجاه الأمم الأخرى: ﴿إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ * فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٣٤ - ٣٦)
ولم يعتبروا بتاريخ من قبلهم من الأمم البائدة، وخاصة اليهود منهم، كقوم تبّع، وهم ملوك حمير الذين كانوا يهودا وقد ملكوا جنوب شبه الجزيرة العربية لقرون عديدة حتى استولت الحبشة عليهم في العام ٥٢٥ م: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ﴾ (٣٧)، انظر الآية [ق ١٤/ ٥٠].
وفاتهم أن هنالك مغزى من الخلق ومن الحياة الدنيا لا يتم إلاّ بحقيقة الآخرة: ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ * ما خَلَقْناهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٣٨ - ٣٩)
غير أنهم، والجاهلين من أمثالهم، لا يستفيقون من ضلالهم إلا يوم البعث، يوم يفصل بين العباد فيما كانوا عليه من الخلاف ويظهر الحق واضحا من الباطل: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٤٠)
يومئذ لا يغني قريب عن قريب ولا صاحب عن صاحب، ولا يستطيعون نصرة بعضهم بعضا، فلا ينجو إلاّ من رحم الله: ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (٤٢)