للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ﴾ ليست صفة القرآن كصفة شيء يمكن أن يفترى، فالقرآن معجز من نواح متعددة لا يقدر عليه البشر ﴿وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ يصدّق الصحيح المتبقّي من الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل، وهو معنى قوله ﴿الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ فالتصديق ليس للكتب السابقة بوضعها الراهن بما اشتملت عليه من إضافات ومحذوفات وتحريف وتشويه، إذ لم يبق في الكتب المقدسة لدى اليهود والنصارى سوى شذرات من الأصل، انظر شرح آيات [آل عمران ٣/ ٣] و [المائدة ٤٧/ ٥، ١٤، ١٣]، ﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ﴾ جنس الكتاب، وهو الوحي الذي نزل على جميع الرسل، وفيه تفصيل العقيدة والشريعة والسنن والمواعظ ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ لا يتطرق الشك لأي من محتواه لكونه وحيا: ﴿مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾.

﴿أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَاُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٣٨)

٣٨ - ﴿أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ﴾ زعموا أن النبي أتى بالوحي من عنده (الآية ١٥)، ﴿قُلْ﴾ لهم أيها النبي ﴿فَأْتُوا﴾ أنتم على وجه الافتراء ﴿بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ فأنتم مثلي في العربية والفصاحة ﴿وَاُدْعُوا﴾ لمعونتكم في ذلك ﴿مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ﴾ من بلغائكم وعلمائكم، و"آلهتكم" التي تلجؤون إليها في النوائب ﴿مِنْ دُونِ اللهِ﴾ ادعوا من استطعتم من خلقه، والمعنى أن الله وحده القادر على أن يأتي بمثله ﴿إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ في دعواكم أن هذا القرآن مفترى، وأنه بمقدور الإنس والجن، انظر شرح [البقرة ٢٣/ ٢].

قال الرازي إنّ مراتب تحدّي الرسول بالقرآن ستة: أولها أنه تحداهم جميعا من إنس وجن بكل القرآن، انظر [الإسراء ٨٨/ ١٧]، وثانيها أنه تحداهم بعشر سور، انظر [هود ١٣/ ١١]، وثالثها أنه تحداهم بسورة واحدة من مثل القرآن، انظر [البقرة ٢٣/ ٢]، ورابعها أنه تحداهم بحديث مثله، انظر [الطور ٣٤/ ٥٢]، وخامسها طلب منهم أن يأتي بالمعارضة رجل من مثل النبيّ، أي يساويه في كونه أميا غير متعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>