للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهدين القديم والجديد اللذين لم يكونا متاحين بالعربية في عصره أصلا كما لم يثبت أن كان هنالك مركز ثقافي مسيحي أو يهودي في جزيرة العرب ينشر ثقافة الديانتين، والقصة على أية حال جاءت مختلفة ومصححة لكثير من الغرائب المتناقضة الواردة في العهد القديم.

﴿وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (١٠٣)

١٠٣ - ﴿وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ﴾ على إيمانهم ﴿بِمُؤْمِنِينَ﴾ لفساد استعدادهم لأن أكثرهم متمسك بالتقليد لا يكاد يقدر على التفكير المستقل، ولا يستطيع الانفلات من دائرة الجمود المتوارث عن الآباء والأجداد، وإن اقتنع بخلافها فهو يخاف على مكاسبه المادية بين قومه ومعارفه كما يخشى على مكانته الاجتماعية بينهم أن يقولوا خرج على معتقدات أهله وقومه، وهذا الأمر ليس مقتصرا على الناس وقت بعثة النبي فهو عام في كل الأزمنة وقد تمر أجيال قبل أن تثمر جهود الداعية، وبعد الفتوحات الإسلامية بقي أكثر الناس في البلاد المفتوحة على دينهم إلى أن دخلوا الإسلام طواعية بالتدريج بعد أجيال عديدة، ويستثنى من هؤلاء الناس من لم تفسد فطرتهم باليهودية أو المسيحية ومثلها أي الباقون على فطرتهم الأصلية، كما هو شأن الوثنيين في أفريقية وجنوب أمريكا وشرق آسية حيث يجد المبشرون المسلمون والمسيحيون تربة خصبة وثمرات سريعة لنشاطهم.

﴿وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ (١٠٤)

١٠٤ - ﴿وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ﴾ أي على البلاغ ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ لأن الدعوة خالصة لوجهه تعالى ﴿إِنْ هُوَ﴾ أي القرآن ﴿إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ وليس لأمة بعينها كما هي حال الكتب السابقة، وسمّي القرآن ذكرا لأنه يذكّر البشر بالميثاق الفطري المأخوذ عليهم، انظر [الأعراف ١٧٢/ ٧] و [الرعد ١٩/ ١٣ - ٢٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>