وفساد النية وسوء القصد، وإبداء هذه الخصال يكون بإظهارها والعمل بها ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ﴾ يغفر الذنوب لمن يشاء من عباده الذين قاموا بالأعمال الصالحة حتى غلب أثرها في نفوسهم، أو لمن لم تخرج أفكارهم السيئة إلى حيّز التنفيذ، وفي الحديث:«إنّ الله تعالى تجاوز عن أمّتي ما حدّثوا به أنفسهم ما لم يعملوا به أو يتكلّموا به»، ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾ من الكفار والمنافقين والعصاة والمجرمين عذابا مترتبا على العدل ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ باطلاعه على الخفايا والظاهر.
٢٨٥ - لمّا بيّن تعالى في الآية المتقدّمة كمال الملك وكمال العلم وكمال القدرة الإلهية، وفي ذلك كمال صفات الربوبية أتبع ذلك في هذه الآية بكون المؤمنين في منتهى الانقياد والطاعة والخضوع لله تعالى وذلك هو كمال العبودية:
﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ أي لا يفرّقون بين أحد من الرسل فلا ينكرون نبوّة أيّ منهم، وقد أكمل بعضهم شرائع بعض، ونسخ بعضها الآخر ثمّ اكتملت الرسالات بشريعة محمد ﷺ خاتم الأنبياء والرسل ونسخت ما قبلها ﴿وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا﴾ لأنّ العبرة ليست بمعرفة الحقيقة فقط بل بالعمل بموجبها ﴿غُفْرانَكَ رَبَّنا﴾ يلتمس المؤمنون الغفران من الله فيما يخافون من تقصيرهم في عملهم ﴿وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ إقرار المؤمنين بالمعاد إليه تعالى: