﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ لكي يكون هنالك حياة على الأرض بالحال الذي نعهده ﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾ في مسارات ثابتة وحدود مرسومة وفق النظام الكوني لا يتعديانه ولا ينحرفان عنه ﴿لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ فيكون الأجل النهائي الذي ينقطع بعده النظام، انظر [التكوير ١/ ٨١ - ٢]،
﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ أمر الملكوت ضمن خطة حكيمة فلا يتركها عبثا بعد الخلق ﴿يُفَصِّلُ الْآياتِ﴾ آيات الكتاب فتكون بينة واضحة، والآيات الكونية الدالة على الإعجاز ﴿لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ لعلكم تتفكرون بهذه الآيات المفصّلة فتتوصلوا منها إلى العلم اليقيني بحتمية البعث والجزاء.
٣ - استمرار الخطاب في الآيات الكونية: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ﴾ فجعلها صالحة للحياة ﴿وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ﴾ جبالا ﴿وَأَنْهاراً﴾ تبعث الحياة ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ﴾ وهي أعضاء التأنيث والتذكير في الزهور المتلاقحة، ففي غالب الأحوال تشتمل الزهرة التي تنبثق عنها الثمرة على عضوي التذكير والتأنيث معا، وفي بعض الأحوال تكون أعضاء التذكير في زهور منفصلة عن زهور أعضاء التأنيث في النبتة نفسها، كما هنالك حالات تكون فيها الأشجار بالكامل مذكرة أو مؤنثة كما في النخيل العربي والبابايا الهندي ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ الإغشاء والتغشية إلباس الشيء بالشيء، والمعنى أن الليل يزحف على النهار فيغطيه تدريجيا في إحدى جهات الكرة الأرضية، في الوقت الذي يكون النهار زاحفا على الليل فيغطيه تدريجيا فط الجهات الأخرى، واللفظ يحتمل الحالتين معا، وفيه دليل على كروية الأرض، انظر آية [الأعراف ٥٤/ ٧]، ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ هم الذين يعملون الفكر في المغزى من هذا الخلق البديع.