للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَمُلْكٍ لا يَبْلى﴾ [طه ٢٠/ ١٢٠]، زعم إبليس أنها شجرة الخلد وبما أن آدم وحواء لم يتوصلا إلى الخلود رغم تذوقهما تلك الشجرة تبين أن وساوس إبليس كانت، ولا تزال، مجرد خداع، ومن جهة ثانية فالقرآن لا يخبرنا عن طبيعة تلك الشجرة سوى إدعاء إبليس الكاذب بأنها شجرة الخلد، ويرى البعض أنها رمز للحدود التي وضعها الخالق ﷿ لشهوات ورغبات الانسان الجامحة والتي في حال تجاوزها يسيء المرء الى فطرته التي خلق عليها، وأن رغبة الانسان بالخلود على هذه الأرض تنطوي على رهبته من الموت وإنكاره للبعث والحياة الآخرة، وهذه الرغبة مرتبطة بوساوس الشيطان للإنسان بالحصول على ﴿مُلْكٍ لا يَبْلى﴾ وبعبارة أخرى أن يكون حرا من كل الحدود لدرجة إنكار الإيمان بالله، وعندئذ لا يبقى للحياة معنى ولا هدف حقيقي ﴿فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ﴾ الذين ظلموا أنفسهم بالمعصية.

﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اِهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ (٣٦)

٣٦ - ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾ وسواس ﴿الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ﴾ بإغرائهما أن يذوقا من الشجرة المحرمة ﴿وَقُلْنَا اِهْبِطُوا﴾ اهبطوا من نعيم الجنة والخلد إلى عناء الدنيا وكدها، ويلاحظ انتقال الخطاب من المثنى إلى الجمع، لأن الخطاب وإن كان لآدم وزوجه فهما يرمزان لجنس البشر عامة ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ وهو ما عليه الناس من العداوة والبغي والحسد والحقد بعضهم لبعض بسبب تنافسهم على الدنيا ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ أخرجهم الله تعالى من جنة الراحة إلى أرض العمل كي يستقروا ويعملوا فيها ويتمتعوا بخيراتها، دون الخلود فيها، فعبر عن ذلك بالمتاع إلى حين.

﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾ (٣٧)

٣٧ - ﴿فَتَلَقّى آدَمُ﴾ وبالتالي البشر قاطبة ﴿مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ أي ألهمه تعالى إيّاها فتاب إليه بها، وهي كما في سورة الأعراف: ﴿قالا رَبَّنا ظَلَمْنا﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>