٧٢ - ﴿فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا﴾ أي لمّا جاء أمره تعالى أنجى برحمته هودا ومن كان معه من المؤمنين ﴿وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ قطع دابرهم، هو استئصالهم عن آخرهم، لأن دابر الشيء آخره، قال جلّ شأنه:
﴿وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ معطوفة على قوله ﴿كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ والمعنى أنهم كذّبوا بآياته تعالى وما كانوا ليؤمنوا لو بقوا، وذلك من شدة إصرارهم على الضلال، ونظير ذلك قوله عزّ شأنه: ﴿وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ﴾ [الكافرون ٥/ ١٠٩] أي في المستقبل.
٧٣ - ﴿وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً﴾ أي وأرسلنا إلى ثمود نبيّهم صالحا - وهذه القصة الثالثة - وتعبير أخاهم لكونه منهم ﴿قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ﴾ أمرهم بعبادة الله وحده كما هي دعوة جميع الرسل لأقوامهم ﴿قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ليتبيّن لكم الحق من الباطل، والبيّنة هي الوحي الذي نزل عليه والدلائل على صحة التوحيد والنبوّة التي جاءهم بها، والمعنى أن التقليد ليس عذرا ﴿هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً﴾ آية بمعنى علامة أو معجزة، وقوله ناقة الله بمعنى أن الخلق كله لله كما يقال عبد الله وأرض الله، وقيل لأنه لم يكن للناقة مالك من الناس ﴿فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ وهي الآية أو العلامة التي أشار إليها: أن يتركوا ناقة الله تأكل من أرض الله الواسعة ولا يتعرضوا لها بسوء، وأن يكون شرب الماء قسمة بينهم وبينها، انظر آية [القمر ٢٨/ ٥٤]، وأنذرهم العذاب الأليم في حال خلافهم.