للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فالقرآن هدى، ومن يصرّ على إنكاره يكون العذاب الأليم الذي يلحق به في الآخرة نتيجة طبيعية لما كان عليه في دنياه من الرجز: (هذا) القرآن ﴿هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ (١١) فتقدير الخطاب:

لهم عذاب أليم من رجز، أي بنتيجة الرجز الذي كانوا عليه في دنياهم وبسببه يلحق بهم العذاب، وقالوا أن الرجز هو الرجس أو النجاسة أي القيم الزائفة التي يعتقدها المرء، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثّر ٥/ ٧٤]، وقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [يونس ١٠٠/ ١٠] أي الذين لا يستخدمون عقولهم بالطريق السوي يصبحون ضحية للاعتقاد بالقيم الزائفة، ومنه قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة ٢٨/ ٩]،

وللاستعانة على هجر الرجز يجب التفكر في معجزات الآيات الكونية: ﴿اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (١٢ - ١٣)

أما المصرّون على الكفر وإنكار الآخرة فمن واجب المؤمنين أن يغفروا لهم، بعد تذكيرهم، ثمّ يتركوا حسابهم على الله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (١٤)

فنتيجة العمل الصالح تعود على صاحبه، تماما كنتيجة السيّيء: ﴿مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (١٥)

ومثال ذلك أنه تعالى منّ على بني إسرائيل بالرزق المعنوي، ببعث الرسل فيهم، وبالرزق المادي بأن أخرجهم من عبودية فرعون إلى أرض فلسطين، واختارهم في زمنهم لحمل رسالة التوحيد: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>