للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقه أو يتساهلون في اتّباعها، ويبسطه للبعض بما يوفقه من الهداية إلى معرفة تلك السنن واتّباعها، فيفتح لهم الأبواب ويسهّل الأسباب ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيحاسبكم على ما قدّمتم ويوفّيكم أعمالكم.

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اِبْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ﴾ (٢٤٦)

٢٤٦ - بعد الآيات الثلاث السابقة، ضرب تعالى مثلا بقصة طالوت: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى﴾ الملأ هم أكابر القوم ﴿إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اِبْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ بعد وفاة موسى خلفه عدد من الأنبياء كان آخرهم صموئيل، وهو النبيّ المشار له في هذه الآية، وقد تعرّض اليهود خلال تلك الفترة للكثير من النكسات المادية والفكرية وانتشر فيهم الفساد، فطلبوا من نبيّهم أن يعيّن ملكا عليهم يقودهم لقتال الأقوام المجاورة التي كانت تهددهم، العام ١٠٢٠ ق. م ظنا منهم أن وجود القيادة الحازمة كاف لإخراجهم من أوضاعهم المتردية، غافلين عن سنته تعالى أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴿قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاّ تُقاتِلُوا﴾ لعلمه بفساد نفوسهم ﴿قالُوا وَما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا﴾ أي اضطروا للخروج من مصر مع ذريتهم هربا من الاضطهاد ﴿فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ﴾ الذين يظلمون أنفسهم بترك الجهاد.

والخطاب ذو علاقة بالآيات السابقة في قوله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ (٢٤٣)، وقوله ﴿وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ (٢٤٤)﴾، فكأنّه تعالى أكّد وجوب الجهاد بأن ذكر قصة بني إسرائيل، وفي الخطاب حثّ للمسلمين على الجهاد ضد العدوان في كلّ زمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>