﴿عَظِيمٌ﴾ البلاء هو المحنة إن كانت الإشارة إلى صنيع آل فرعون، ونعمة إن أشير به إلى نجاة اليهود، وأصل البلاء: الاختبار، ولمّا كان اختبار الله تعالى لعباده تارة بالمحنة وتارة بالمنحة أطلق عليهما معا.
٥٠ - ﴿وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ واذكروا إذ فرقنا بكم البحر، وهي قصة نجاتهم من فرعون وغرق فرعون وجنوده في البحر، وهذه الآية وسابقتها تذكّرهم بعض نعمه تعالى عليهم، ورغم هذه المعجزة الباهرة وغيرها من المعجزات التي وقعت لبني إسرائيل كانوا يعودون إلى العصيان في كل مرة، فكان الجحود والعصيان سمة في أوائلهم، استمرت فيهم، ولا تزال في أواخرهم ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ فشاهدتم ذلك عيانا.
وفلق البحر كان معجزة وقعت على يد موسى وقت كان الإنسان في مرحلة الطفولة الفكرية تجذبه دهشة الخوارق إلى الإيمان، ولا يمنع هذا الاعتقاد من الاهتداء بسنن الله تعالى في خلقه، والاعتقاد أنها لا تتحول ولا تتبدّل، وقد دخل الإنسان مرحلة الرشد الفكرية بنزول الرسالة الإسلامية حيث أرشده القرآن إلى استعمال العقل وتتبّع الدلائل في التوصّل إلى الإيمان وتصديق الوحي الذي نزل على الأنبياء.
٥١ - ﴿وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ بعد خروج بني إسرائيل من مصر إلى سيناء نزل الوحي على موسى بالحضور إلى الجبل لمدة أربعين يوما وليلة كي يتعلم ثم يعلّم أمّته الشريعة والأخلاق [الأعراف ٧/ ١٤٢]، ﴿ثُمَّ اِتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ اتخذتم العجل معبودا بغياب موسى، لأنّهم تشرّبوا في قلوبهم عبادة العجل التي كانت منتشرة في مصر، وقد حاولوا تقليد عجل معبد عزيريس Osiris في العاصمة المصرية ممفيس، لشدة تأثرهم بالوثنية المصرية، وكان التفسّخ