للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وأنه تعالى منحهم فرصة أخرى للتوبة بأن كتب عليهم الجلاء عن جزيرة العرب: ﴿وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا﴾ لكي تظهر معصيتهم وإصرارهم على الكفر إلى حيّز العلن فيستحقّوا عذاب الآخرة:

﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ (٣)

كل ذلك لأنهم جعلوا أنفسهم في شقّ وجعلوا الهدي الإلهي في شقّ آخر فكأنهما على طرفي نقيض: ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ (٤)

ومع أنّ الشرع الإسلامي في الحالة العامة يحرّم تخريب المحاصيل الزراعية وقطع الأشجار، كما هو معروف من وصية أبي بكر الصدّيق الشهيرة لأمراء الجيوش، إلاّ أن الضرورات تبيح المحظورات، فاضطر المسلمون أثناء حصارهم بني النضير أن يقطعوا بعض نخيلهم لضرورة الحرب، وهو من قبيل ارتكاب أخفّ الضررين: ﴿ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ﴾ (٥)

وأنه خلافا للقاعدة العامة المذكورة بآية [الأنفال ٤١/ ٨] أن يكون خمس الغنائم لله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، والباقي للمقاتلين، فإن الفيء، وهو ما غنمه المسلمون من بني النضير بلا قتال، يكون بأكمله للأصناف الخمسة المذكورة فيوضع بتصرف الرسول أو الإمام: ﴿وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾ أي من بني النضير ﴿فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٦) والسبب تفسره الآيات التالية:

لأن العبرة من توزيع الفيء بكامله على الأصناف الخمسة المذكورة أن لا يكون تداول المال محصورا بين الأغنياء: ﴿ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>