٢١ - ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ بنتيجة سعيهم الدنيوي وتفاضلهم في العقول واتّباعهم سنة الله في خلقه، قال تعالى: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ﴾ [الأنعام ١٦٥/ ٦]، ﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ﴾ من درجات الدنيا ﴿وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ لأن العبرة تكون وقتئذ بالعمل الصالح الذي ارتبط مع الإيمان،
٢٢ - بعد أن فصّلت الآيات (١١ - ٢١) قواعد السعي الدنيوي، تؤكّد هذه الآية أن لا سعي يفيد مع الشرك:
﴿لا تَجْعَلْ﴾ أيها الإنسان ﴿مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ﴾ تجعله شريكا في الألوهية، وهؤلاء الشركاء غير مقتصرين على الأصنام، أو زعماء الدين، أو القديسين، أو الشفعاء الموهومين، بل يدخل فيهم الاعتقاد بالقيم الزائفة ﴿فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً﴾ بين الناس ﴿مَخْذُولاً﴾ في الآخرة،
٢٣ - ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ﴾ وحده لا شريك له ﴿وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ أتبع الأمر بعبادة الله وتوحيده، بالأمر ببر الوالدين، فالله تعالى هو الخالق، والسبب الظاهري لوجود الإنسان أبواه، فأمر تعالى بتعظيم السبب الحقيقي أولا، ثم أتبعه بالأمر بتعظيم السبب الظاهري ﴿إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما﴾ وقد يتغير مزاجهما سلبا بسبب التقدم في السن ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما﴾ حرّمت الآية أبسط تعبير عن التذمّر من الوالدين، فضلا عن تحريم زجرهما ﴿وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً﴾ بالكلام اللطيف المقرون بالتعظيم والاحترام،