للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٥ - ﴿الْيَوْمَ﴾ يوم القيامة ﴿نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ كناية عن عجزهم عن الإتيان بأعذار عن أعمالهم الخاطئة ومعتقداتهم الفاسدة.

﴿وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنّى يُبْصِرُونَ﴾ (٦٦)

٦٦ - الآيات (٦٦ - ٦٨) تنبه إلى عدم استفادة المجرمين من كثير من الملكات التي كرّم الله تعالى بها جنس البشر:

﴿وَلَوْ نَشاءُ﴾ أن نجعلهم، أي جنس البشر، مجرّدين من أي مقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، بخلاف ما كرّمناهم في الواقع ﴿لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ﴾ كناية، أن لو شاء الله تعالى لخلقهم عمين عن أي مسؤولية أخلاقية ﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ﴾ وفي تلك الحالة لانحرفوا عن الصراط المستقيم ﴿فَأَنّى يُبْصِرُونَ﴾ فأنّى لهم، وقتئذ، إبصار الحقيقة؟

﴿وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اِسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾ (٦٧)

٦٧ - ﴿وَلَوْ نَشاءُ﴾ لو كانت مشيئته تعالى أن يكون الإنسان مجرّدا عن مقدرة الخيار بين الصواب والخطأ ﴿لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ﴾ لأصبحوا في حالة من الركود الفكري ﴿فَمَا اِسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾ فلا يكون لديهم حافز للتقدم أخلاقيا، ولا التراجع عن موقع الخطأ.

﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾ (٦٨)

٦٨ - ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾ الإنسان خلق ضعيفا، والزمن المتاح أمامه قصير إذ لا يلبث أن يتقدم في السنّ ويهرم ويشيخ، وتتدهور قواه الجسمية والعقلية، فعليه إلاّ يسوّف ويؤجّل خياره الأخلاقي، بل عليه في أقرب وقت الاستفادة من إمكاناته العقلية وملكة الخيار الحر التي حباه الله بها ﴿أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾ أفلا يستفيدون من عقولهم قبل أن يصل بها الأمر إلى حالة من التقهقر والخرف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>