للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الآيات السابقة (١٤٦ - ١٤٨) إذ تتضمن تحذيرا إلى ضعاف النفوس والمنافقين أن طاعة الكفار لن تجدي في تأمين الحماية لهم.

﴿بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ﴾ (١٥٠)

١٥٠ - ﴿بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ﴾ الله تعالى ناصر عباده المؤمنين الذين لا يضعفون ولا يهنون ولا يستكينون للعدو، فهم ليسوا بحاجة لطلب النصرة والتأييد من الكفار لأن اعتمادهم على الله وحده.

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ﴾ (١٥١)

١٥١ - ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ بعد أن تحققت الغلبة للمشركين يوم أحد، وتشتّتت قوة المسلمين فانهزم بعضهم إلى المدينة وتفرق بعضهم الآخر في بطن الوادي والجبل، انسحب المشركون إلى مكة من غير سبب وهم غالبون قاهرون وقوتهم تكاد لم تتأثر بنتيجة المعركة، ويعتبر ذلك لغزا محيّرا، إذ لم يكن ما يمنعهم من الإجهاز على فلول المسلمين ثم دخول المدينة حيث كان سيستقبلهم المنافقون واليهود، ولكن بدلا من ذلك فرّوا وتركوا المدينة إذ ألقى تعالى الرعب في قلوبهم، حتى روي أن أبا سفيان صعد الجبل ونادى: أفيكم محمد؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فأجابه عمر ودار بينهما حوار، فما تجاسر أبو سفيان ومن معه على الذهاب إليهم ومنازلتهم، وليس صحيحا تبرير بعض المستشرقين بأن العرب اعتادت في غزواتها أن لا تجهز على الخصم بعد هزيمته كما لو كانت المعارك نوعا من المباريات الرياضية، فالأمر هاهنا كان مختلفا والحرب بين المسلمين والمشركين لم تكن من هذا النوع، إذ كانت قريش مصممة على استئصال المسلمين والقضاء على النبي ، والنبي ما خرج من مكة وهاجر إلى المدينة وأذن للمسلمين بالهجرة إلاّ بعد أن عزم المشركون على قتله واستئصال أصحابه، ولا أدلّ على

<<  <  ج: ص:  >  >>