٣٦ - ﴿فَلَمّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى﴾ قالت ذلك على سبيل الحسرة والاعتذار، لأنّ الأنثى لن تقوى على الانقطاع لخدمة بيت الله، قال تعالى: ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ﴾ فهو أعلم بمنزلة هذه الأنثى وأنها خير من كثير من الذكور ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ﴾ الذي كانت ترجوه ﴿كَالْأُنْثى﴾ التي أنجبتها لأنها أفضل بكثير من الذكر الذي كانت تتمناه، قالت: ﴿وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ الرجيم هو المطرود من الخير والاستعاذة بالله من الشيطان من قبيل الدعاء والرجاء لنفي وساوس الشيطان عنها.
٣٧ - ﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾ لكي تكون مكرّسة للعبادة وخدمة بيت الله وفاء لنذرها ﴿وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً﴾ كناية عن سموّ تربيتها الأخلاقية والروحية ﴿وَكَفَّلَها زَكَرِيّا﴾ جعل زكريّا كافلا لها وكان من كهنة المعبد وهو أبو يحيى ﵇ ﴿كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً﴾ من جملة ما ذكره الطبري أنّ نجّارا تطوّع بأن يأتيها بالرزق خلال أزمة مرّت ببني إسرائيل، ومن جملة ما ذكره الرازي أيضا أن الآية لا تنص بالضرورة على خوارق الأمور، ولكن المعنى أن الله تعالى رزقها على أيدي المؤمنين من عباده الذين كانوا يرغبون في الإنفاق على أمثالها من الزاهدات العابدات، وكان