﴿كِتابٌ﴾ وهو القرآن الكريم ﴿أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ﴾ أيها النبي ﴿لِتُخْرِجَ النّاسَ﴾ قاطبة ﴿مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ﴾ من ظلمات الجهل والشك والتخبط إلى نور الحقيقة ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ بتيسيره وتوفيقه لمنفتحي الذهن، أما المصرّين على الكفر فسوف يلي الخطاب عنهم ﴿إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ وهو النور المشار إليه، أي إلى طريق الله المستقيم، وهو دينه الذي ارتضاه لخلقه وشرعه لهم، والمعنى أنه بعد أن يكون القرآن سببا لخروج الإنسان من ظلمات الجهل إلى نور الحقيقة عليه أن يتوجه بالعمل نحو صراط العزيز الحميد،
٢ - ﴿اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي هو وحده يملك جميع ما في السماوات وما في الأرض، فلا بد أيضا أن يملك التصرف بشؤون عباده بإنزال الكتاب وإخراجهم من الظلمات إلى النور ﴿وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ﴾ المصرّين على الكفر ﴿مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ بسبب غفلتهم عن هذه الحقيقة أي إن العذاب ليس سوى نتيجة طبيعية للغفلة، وفي الآية التالية تعريف لهم ولخصالهم:
٣ - ﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا﴾ معنى يستحبون أنهم في غاية المحبة لها دون غيرها، لأنهم غافلون عن الآخرة، وعن الحقيقة الغيبية ﴿عَلَى الْآخِرَةِ﴾ تقدير الخطاب: ويؤثرونها على الآخرة، وذلك مكمن الضلال لأنهم جمعوا بين محبة الدنيا وإيثارها على الآخرة بخلاف من يحب الدنيا ولا يؤثرها على الآخرة ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ وهي صفة ثانية من صفات الكفار أنهم يمنعون الآخرين من الوصول إلى دين الله فهم ضالين أولا ومضلون ثانيا ﴿وَيَبْغُونَها عِوَجاً﴾ يسعون إلى إلقاء الشكوك والشبهات حول الرسالة السماوية إمعانا في الإضلال، فهم يبغون لها عوجا أي اعوجاجا وذلك غاية الإضلال، ولذا وصفتهم الآية أنهم في ضلال بعيد: ﴿أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ في أقصى مراتب الضلال مما لا يرجى العودة منه.