١٠ - ﴿سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ علمه تعالى فيهم واحد إذ يعلم سرهم وعلانيتهم ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ لريبة ما فهو يخرج في الليل مستخفيا مختبئا في ظلام الليل ﴿وَسارِبٌ بِالنَّهارِ﴾ يخرج نهارا فيظهر بلا ريبة لا يخشى شيئا، كلاهما واحد، لأنه لا يستتر عنده تعالى شيء ولا يخفى عليه أحد.
١١ - ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ تحيط به من جميع جهاته بصورة مكشوفة وبصورة خفية ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ أي هو يظن - بزعمه - أن المعقبات يحفظونه من أمر الله ومن قدره، في حين أنه تعالى محيط بكل شيء، والخطاب استمرار من الآية السابقة فالضمير في ﴿لَهُ﴾ يعود لمن أسرّ القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، فليس فقط أن مثله لا يستتر ولا يخفى عن علمه تعالى، بل سواء أيضا إن كان له معقّبات أي حرس يقومون بحراسته بصورة مكشوفة: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ أو بصورة خفية كالمخابرات: ﴿مِنْ خَلْفِهِ﴾ ومثال ذلك ما يفعله بعض الزعماء وكبار القوم من قبيل الحرص على أنفسهم مع أن هؤلاء الحرس لا يستطيعون حفظهم من أمر الله ولا يستطيعون دفع القدر حال وقوعه، أي كل هذه الأساليب المصطنعة لا تفيد، وفي بيان السبب تعود السورة لموضوع الآيات (٥ - ٦ - ٧): ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ﴾ سلبا أو إيجابا، قسرا أو اعتباطا ﴿حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ بملء إرادتهم وحريتهم، فالأقوام ليست مقهورة على أمرها لا تملك لنفسها التغيير والتبديل، بل هي تتحمل مسؤولية نفسها من واقع حرية أفرادها وسلوكهم وحضارتهم، لأن تغيير كل فرد لنفسه سلبا أو إيجابا يكون سببا لتغيير الأمة بأكملها سلبا أو إيجابا أيضا، وهذه سنة اجتماعية تخضع لها الأقوام فتمكنها من تغيير أحوالها نحو