للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير المكشوفين ﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ﴾ من المال والموارد والجهد ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ للإعداد للقوة وردع العدوان ﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ ثوابه من الله تعالى ﴿وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ فلا يلحق بكم ظلم، ولا اضطهاد من العدو، ولا إخراج من الديار.

﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (٦١)

٦١ - ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها﴾ إن مالوا عن الحرب إلى السلم والصلح، بعد أن وقعت الرهبة في قلوبهم من قوة المسلمين ومرابطتهم واستعدادهم، فاجنح لها أيها الرسول ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾ فوّض أمرك إلى الله، ولا تخف من مكرهم وخداعهم، والمعنى أن المسلمين أولى بقبول السلم من غيرهم، لمنع سفك الدماء، ولإعطاء السلم فرصة كي تنمو ثماره، ولينتشر الإسلام بالقناعة والقدوة، وقد كان ذلك دأب المسلمين في جميع فتوحاتهم يقبلون من خصومهم أول بادرة للسلم والصلح، ويبرمون معهم المعاهدات بأكرم الشروط وأشدها تسامحا وقد كانت لهم اليد العليا، ولم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لما يقولون ﴿الْعَلِيمُ﴾ عليم بنيّاتهم، فيجازيهم بما يستحقونه ويرد كيدهم.

﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ (٦٢)

٦٢ - ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ﴾ بجنوحهم للسلم ﴿فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ﴾ يكفيك شرّ خداعهم، والمعنى أنهم إن صالحوا على سبيل المخادعة وجب قبول الصلح، لأن الحكم فيه يبنى على الظاهر، والصلح لا يكون أقوى حالا من الإيمان، فإذا كان قبول الإيمان يبنى على الظاهر لا على الباطن، فهاهنا أولى الرازي، ولأنه في النتيجة يكون مكرهم السيئ وبالا عليهم، لقوله تعالى ﴿وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر ٤٣/ ٣٥]، والخلاصة أن عرض السلام لا يرفض بلا دليل ولمجرد شبهة أو شك، خاصة بعد أن يعدّ المسلمون من القوة ومن الرباط ما يستطيعون به ردع العدو (الآية ٦٠) فيأمنون غدره ﴿هُوَ الَّذِي﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>