٣٣ - ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى﴾ لهداية الناس عامة ﴿وَدِينِ الْحَقِّ﴾ الإسلام ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ على سائر الأديان فينسخها كما ذكر في آية [البقرة ١٠٦/ ٢]، ويظهر عليها بالحجج والبراهين، ويبيّن بطلان ما دخل فيها من الخرافات، ويتغلب على الوثنية في جزيرة العرب، وينطلق منها إلى الناس كافة، ويحتمل عود الضمير في يظهره على الرسول ﷺ أو على دين الحق، وفي الحالتين يكون المعنى عالمية رسالة الإسلام إلى الناس أجمعين، بخلاف الرسالات السابقة التي جاءت لأقوام بعينهم ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ رغم جهودهم في محاولة إطفاء نور الله.
٣٤ - بعد أن بيّن تعالى في الآية (٣١) أن الأحبار والرهبان يدّعون الربوبية، ويريدون أن يطفئوا نور الله (الآية ٣٢)، وصفهم في هذه الآية بالطمع والحرص على أكل أموال الناس بالباطل لغرضين: الأول أطماعهم ومصالحهم الشخصية، والثاني الصد عن الإسلام: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ وما نراه اليوم، في العالم الغربي خاصة، من الثروات الهائلة التي جمعتها الكنيسة المسيحية، وتستخدمها في جهود التبشير، وفي الصدّ عن الإسلام، وفي رفاهية زعماء الكنيسة، كأنّ الآية ما نزلت إلاّ فيهم، هذا على النطاق العالمي، وقد كانوا قبل ذلك في القرون الوسطى يبيعون صكوك الغفران للمغفلين من الناس، وقوله تعالى ﴿كَثِيراً﴾ تنبيه على استثناء بعضهم، فلا يخلوا أن يكون البعض منهم على شيء من الاستقامة، إذ يندر إجماع الكل على الباطل ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ في هذه الآية انتقال تدريجي في الخطاب عن أهل الكتاب الذي بدأ في الآية (٢٩)﴾، لأن اكتناز الذهب والفضة، أي الثروات الضخمة، وعدم