﴿قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (٥٣)
٥٣ - ﴿قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ﴾ بحجة كافية لإقناعنا بما تدّعي من النبوّة، وسمّيت الحجّة بيّنة لأنها تبيّن الحق من الباطل، وقولهم هذا ناتج من فرط عنادهم، أو عماهم عن الحق، أو أنهم لطفولتهم العقلية يرغبون بمعجزة مادية تلمسها حواسهم، وفي ذلك إشارة للبينة المذكورة بالآية (١٧) التي يتمتع بها سليمو الفطرة، ﴿وَما نَحْنُ بِتارِكِي﴾ عبادة ﴿آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ﴾ أي بناء على قولك ﴿وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ إمعانا منهم في إنكار النبوّة، وإصرارا على التقليد والجمود والجحود.
٥٤ - ﴿إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اِعْتَراكَ﴾ أصابك ﴿بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ﴾ زعموا أنّ استخفافه بآلهتهم أدّى بها أن تصيبه بالجنون ﴿قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاِشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾ وبذلك رفض هود زعمهم أنّ آلهتهم أصابته بأي سوء، بل على النقيض فهي لا تقدر على شيء وهو لذلك يتبرّأ منها.
﴿مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ﴾ (٥٥)
٥٥ - ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ تشركون من دون الله تعالى ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً﴾ تحدّاهم أن يفعلوا ما باستطاعتهم لإيذائه، ثقة منه أنه في حفظ الله ورعايته، وقد يكون الخطاب لهم ولآلهتهم التي زعموا أنها اعترته بسوء ﴿ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ﴾ الإنظار من النظرة وهي الإمهال والتأجيل، والمعنى لا تؤجّلون ما أنتم بصدده من إيذائي، مبالغة منه في الثقة بما هو عليه من الصواب ومن الرعاية الإلهية، وفي الآية التالية يبدي السبب في عدم اكتراثه بكيدهم: