للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ كابتداع البدع، والقول في الدين بالرأي والظن، وإسناد الرأي الاجتهادي إلى الله تعالى وادّعاء أنه حكم الله، وافتراء الكذب على الله، وعلى أنبيائه، كما فعل أحبار اليهود في كتبهم بالعهد القديم، المحشوة بمختلف أنواع الفواحش والمنكرات التي ينسبونها إلى أنبيائهم لكي يبرروا لأنفسهم ارتكابها، ويسمون كتبهم مقدسة، ويوهمون الناس أنها كلام الله، انظر شرح آيات [الأعراف ١٦٩/ ٧] و [آل عمران ٧٥/ ٣، ٣].

ثمّ ذكر تعالى في الآية التالية النتيجة التي تؤول إليها الأمم التي ترتكب هذه المحرّمات، وهي مجيء أجلها بغتة أو خفية.

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (٣٤)

٣٤ - ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ فمن الأمم السالفة مثلا من انتهى أجلها وهلكت بغتة بتكذيبها ومعاندتها الرسل، كهلاك أقوام نوح وعاد وثمود ولوط ومدين وغيرهم، وكان هلاكها بعد مهلة محددة نتيجة إصرارها على المكابرة والجحود، والاستهزاء بالرسل والتحدي، وطلب الآيات الخارقة، وهذا النوع من الإهلاك انتهى ببعثة النبي الأحمد الذي لم يبعث لقومه خاصة وإنّما بعث رحمة للعالمين،

وهنالك من الأمم الأخرى من ينتهي أجلها بدخول عوامل التفسخ والانحطاط فيها، وانتشار الظلم والشرور والموبقات والاغترار بالترف والمادة، والتاريخ مليء بنهوض وارتفاع أمثال هذه الأمم ثم انهيارها ﴿فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ بالنسبة للنوع الأول من الأمم البائدة فقد جاءها أجلها بغتة، دون تقديم ولا تأخير، بعد انتهاء مهلتها كما هو مذكور من قصصهم في القرآن الكريم، والنوع الثاني منها يجيء أجلها وفقا لسنن الاجتماع البشري، فالأمم تمر بمراحل النمو والرشد والشيخوخة، حتى إذا نخرتها الأمراض الاجتماعية، وفق سنن الأسباب والمسببات، حان أجلها وانهارت كما حدث للاتحاد السوفيتي وغيره في العصر الحديث،

<<  <  ج: ص:  >  >>