للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسكن، بلا إسراف ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ تكون لهم وحدهم يوم القيامة دون غيرهم، أما في الحياة الدنيا فتكون لهم ولغيرهم من الناس، لقوله تعالى ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة ١٢٦/ ٢]،

﴿كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ لقوم يعلمون الحكمة منها، ويعلمون طبائع البشر، ومصالحهم، والفطرة التي فطر الناس عليها.

﴿قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ (٣٣)

٣٣ - ﴿قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ﴾ على النقيض ممّا يزعمون من تحريم الزينة والطيبات التي أخرج لعباده، فإن المحرّم حقّا هو الفواحش من أعمال الناس الكسبية، لا من هباته ونعمه تعالى الخلقية عليهم، وفي ذلك عودة لموضوع الآية (٢٨)﴾، والفواحش جمع فاحشة، وهي كل ما جاوز الحد مما تستقبحه الفطرة السليمة والعقل الراجح، والمقصود بها المعاصي الكبيرة، ومنها الزنا واللواط وشدة البخل والربا الفاحش والقذف بالفحشاء والبذاءة المتناهية والغش وأكل مال الآخرين والصد عن سبيل الله، والآية تنهى عن الفواحش الظاهر منها والباطن، والمعنى لا يكون لديكم مقاييس أخلاقية مزدوجة، فلا يخفف من الفاحشة كونها سرّا، بل قد يكون ذلك سببا لانخداع الناس بمرتكبيها، كما أنّ الجهر بالفواحش في حد ذاته يعد فحشا لأنه يشجع الفساد في المجتمع، ويفسد الأفراد من ذوي الفطرة السليمة،

﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ﴾ حرّمهما، والإثم المعصية التي تضر بصاحبها، والبغي ما يضر بحقوق غيره ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ مما لا يبرره الحق،

﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً﴾ كأن يجعلوا له شركاء من الأوثان أو الأنبياء أو الأولياء، وكابتداع التثليث عند المسيحية، مما لا تقوم عليه حجة بينة من الوحي، ولا من العقل السليم،

<<  <  ج: ص:  >  >>