وقد تكرر التقليد والتمسك بالمتوارثات الزائفة، وإضفاء القداسة على فكر الآباء، لدى المجتمعات المترفة خاصة، لأن من شأن الترف أن يؤدي بصاحبه إلى الجمود الفكري بنتيجة تجاهل القيم الروحية والأخلاقية خوفا من التغيير الاجتماعي الذي قد يلغي امتيازاته: ﴿وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (٢٣)، راجع آية [هود ١١٦/ ١١].
وهم مصممّون سلفا على الرفض وعلى الجمود الفكري قبل النظر في الأفكار الجديدة التي نزل بها الوحي وقبل دراستها من حيث مصداقيتها وجدارتها: ﴿قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ﴾ (٢٤)، انظر آية [الأنبياء ٢/ ٢١]،
ومن شأن مثل هذا الجمود الفكري أن يؤدي بأصحابه إلى الهلاك:
وتضرب السورة مثلا على ذلك بعثة إبراهيم ﵇ إلى قومه إذ أدرك بفطرته السليمة ضحالة التقليد المتوارث عندما يتعارض مع العقل السليم ومع الوحي الصحيح: ﴿وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ (٢٦)﴾، وقصة بحث إبراهيم عن الحقيقة مذكورة بالتفصيل في آيات:[الأنعام ٧٤/ ٦ - ٨٣] و [الأنبياء ٥١/ ٢١ - ٦٧].