السماوات والأرض قادر على بعث النبوة في غيرهم من الأمم، وقد ختم الرسالات ببعثة خاتم الأنبياء والرسل ﴿وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ فلا يغني عنهم شيئا أنهم كانوا من أتباع موسى وعيسى أو كونهم من سلالة الأنبياء السابقين إن لم يتبعوا الرسالة الإسلامية.
١٠٨ - ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ أيها اليهود ﴿أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ﴾ لأنّه عندما أنزل تعالى جواز النسخ في شرائعهم دأبوا على الدخول مع النبي ﷺ في مناقشات جدلية، و ﴿رَسُولَكُمْ﴾ هو الرسول محمد ﷺ الذي بعث للناس كافة، وسؤالهم موسى من قبل أن قالوا له: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾ (٢/ ٥٥)، وقولهم أيضا ﴿وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللهُ﴾ (٢/ ١١٨)، ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ بدلا من فهم براهين الحق عقليا وتقويم رسالة القرآن الكريم من حيث جدارتها ممّا يؤدي إلى الإيمان بها، فهم إمّا مكابرون متعجرفون، أو مصرّون على براهين مادية حسية، وذلك هو الضلال عن الطريق القويم.
١٠٩ - ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ لأن من شأن الحاسد أن يحاول أو يتمنّى سلب النعمة من محسوده، ولو لم تكن ضارة به، فكيف لو أدّت إلى سيادة المحسود، أو مساواته مع الحاسد؟ ﴿مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ تبينت لهم آيات النبوة، وانطبقت على البشارات المذكورة في كتبهم، واستيقتنها نفوسهم فجحدوا بها