للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢١/ ٣ - ١٢٢]، ﴿وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾ أيها النبي، وهي المكائد والمؤامرات قلّبوها من جميع جوانبها للتوصل إلى قصارى ما يستطيعون من الكيد للنبي والتحايل عليه، وتقليب الأمور مجاز بمعنى النظر فيها من كل جوانبها لمعرفة أيّها أولى بالخيار ﴿حَتّى جاءَ الْحَقُّ﴾ استمرّوا في كيدهم حتى جاء نصر الله رغم كل مكائدهم ﴿وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ﴾ بغلبة الإسلام على الشرك ﴿وَهُمْ كارِهُونَ﴾ لظهور الحق والإسلام، رغما عنهم.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ اِئْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ﴾ (٤٩)

٤٩ - وهذا دليل آخر على نفاقهم وشدة استخفافهم بالمسلمين: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ اِئْذَنْ لِي﴾ في القعود عن الجهاد ﴿وَلا تَفْتِنِّي﴾ لا تعرّضني للاختبار الشديد القاسي وما يترتب عليه من التضحيات، أو ما يترتب عليه من الإغواء لأن بعضهم زعم أن سيفتتن ببنات الروم، لمعنى الفتنة راجع شرح آية [الأنفال ٢٥/ ٨]، ﴿أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ سقطوا وفشلوا في الاختبار لمجرّد تهربهم وتملصهم منه، وسقطوا في الغواية والضلال ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ﴾ لأن سوء عملهم أحاط بهم فاستغرقوا فيه.

﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ (٥٠)

٥٠ - ﴿إِنْ تُصِبْكَ﴾ في غزوة تبوك أو في بعض الغزوات الأخرى ﴿حَسَنَةٌ﴾ كالنصر والغنيمة ﴿تَسُؤْهُمْ﴾ لما في قلوبهم من الغيظ والحسد والتعلق بالدنيا ﴿وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ﴾ في غزوة تبوك - أو كما في أحد - ﴿يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ﴾ أي أخذنا الحيطة في أمرنا، بالحذر بزعمهم، وبالتخلف عن القتال ﴿وَيَتَوَلَّوْا﴾ ينصرفوا عن الرسول ﴿وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ بأنهم اتخذوا الاحتياطات في الحالتين حسب ظنّهم، وفي نفس الوقت يفرحون فرح الشماتة بالمسلمين، والخطاب وإن كان في غزوة تبوك فالقاعدة عامة في المنافقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>