٣٦ - بعد أن ذكر تعالى في الآيات السابقة إصرار المكذّبين على الكفر، بيّن السبب الذي من أجله يجحدون: ﴿إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ وهم منفتحو الذهن الذين يستخدمون العقل استخداما سليما فيكون سماعهم للقرآن ولحقائق الإسلام سماع تفكّر وتأمّل، وهو سماع من ينشد الحقيقة، لا سماع المكابرة والمكر السيئ ﴿وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ﴾ وهم الكفار المصرّون على التقليد والجحود والمكابرة، شبّههم تعالى بالموتى لأنهم عطّلوا عقولهم عن التفكير السليم، والمعنى أن موتى القلوب - الكفار - عندما يبعثهم الله في الآخرة، فحينئذ يسمعون، أما قبل ذلك فلا سبيل إلى سماعهم، وهو كقوله عزّ شأنه ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ [النمل:
٢٧/ ٨٠]، ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ للحساب، أي الحساب على الله وحده.
٣٧ - ﴿وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ طلب الكفار إنزال معجزة على النبي ﷺ شرطا لإيمانهم، لأنّهم لا يعملون عقولهم، وإنّما يتصرفون بطفولة فكرية يريدون مشاهدة الخوارق العجيبة ﴿قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ المعنى أنّ طلبهم من قبيل المكابرة أو الجهل، لأنّ الآيات موجودة حولهم ولكنّهم لا يعلمون، فمن جهة معجزة القرآن التي تحدّاهم بها، ومن جهة معجزات الخلق التي لا حصر لها، كما سيرد في الآية التالية: