يهدفون للوصول إليها فيكون تعلقهم بتساؤلات واهية ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً﴾ الإضلال من الله تعالى بالتخلية وترك المنع بالقهر والجبر ﴿وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً﴾ من ينشد الحقيقة ويتّبع الإدراك الصحيح يتعمّق في هذه الأمثال ويستوعب جوهر الحكمة التي تجسّدها ﴿وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ﴾ الذين اختاروا الفسوق، وهو الخروج عن الطاعة والإصرار عليه، والآية التالية تعرّف الفاسقين، وهم عكس المتقين المشار إليهم بالآيات (٢ - ٥)،
٢٧ - ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ﴾ قالوا: إنّ عهود الله تعالى ثلاثة: عهد أخذه على ذرية بني آدم في الأصلاب أن يقروا بربوبيته، آية [الأعراف ٧/ ١٧٢]، وعهد مأخوذ بالرسل على الأمم، آية [الأحزاب ٣٣/ ٧]، وعهد خصّ به الذين أوتوا علم الكتاب أن يبينوا الحق ولا يكتموه، آية [آل عمران ١٨٧/ ٣]، ويبدو أن عدم ذكر أي شيء محدد قبل هذه الآية أو بعدها فيما يتعلق بالعهد مغزاه أنه متأصل في الإنسان بالفطرة، ولذا فالحجّة قائمة على كل من وهب نعمة العقل أن يفهم السنن الكونية ويتفكّر في هدي الرسل، أما نقض العهد فعبارة عن عدم استخدام تلك المواهب استعمالا صحيحا، وهو أيضا إنكار لبعث الرسل وعدم الاهتداء بهديهم ﴿وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يقطعون الأرحام ويعادون المؤمنين ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بتخريب العلاقات الاجتماعية التي أمر الله بإرسائها على أسس سليمة، والتي يتوقف عليها الصلاح الفردي والاجتماعي للبشر، وهذه الآية عامة تشمل أخلاقيات البشر وحياتهم الاجتماعية بكاملها أفرادا وجماعات ﴿أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ خسروا أنفسهم بعدم الاستفادة من هداية العقل وهداية الدين.