للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٢٢)

٢٢ - ﴿وَقالَ الشَّيْطانُ﴾ الذي أضل الفريقين من الأتباع والمتبوعين ﴿لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ فوقع الحساب ولم يعد هنالك من فرصة لتصحيح الماضي الذي وقع وانصرم ﴿إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ الذي لا يخلف وقد أنجز وعده في البعث والجزاء على الأعمال ﴿وَوَعَدْتُكُمْ﴾ وعد الباطل بأن لا بعث ولا حساب، وإن كانا فأوهمتكم أن الأصنام والشركاء يشفعون لكم ﴿فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾ موعدي وظهر بطلانه وكذبه ﴿وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ﴾ من سلطة أجبركم بها على تصديق وعودي والعمل بموجبها ﴿إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ﴾ إلى الضلال ﴿فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ فأسرعتم بالاستجابة لي من تلقاء أنفسكم ظالمي عقولكم وأنفسكم ﴿فَلا تَلُومُونِي﴾ بوعدي الكاذب لكم إذ لم يكن بطاقتي قسركم ولا إلجاؤكم إلى الباطل، ولكنكم اخترتم ما اخترتم لأنفسكم بمحض الوسوسة التي وسوستها لكم ﴿وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ حيث استجبتم لوسواس السوء، وبمحض حريتكم اخترتم الضلال دون حجة ولا دليل وإنما بنتيجة سوء استعدادكم وانبهاركم بتزيين المعصية لكم، وكان الأحرى أن تستجيبوا لربكم إذ دعاكم إلى الحق المقرون بالبينات والحجج ﴿ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ أي بمغيثكم مما أنتم فيه من العذاب، وأصله من الصراخ كأن المغيث يزيل صراخ المستغيث ﴿وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ مما أنا فيه، أي إنه هو محتاج إلى الإصراخ فمن باب أولى أن لا يمكنه إصراخ الغير ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ أي إنني من الأصل أنكرت توهمكم خلال حياتكم الدنيا أن هنالك شركا حقيقيا ولكنكم جعلتموني شريكا لله ﷿ في الطاعة ﴿إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾،

﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>