﴿والذي علّمه القرآن هو واسطة الوحي جبريل ﵇: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى﴾ (٥)، وجبريل شديد القوى لما به من قوى خارقة كما سيرد وصف بعضها بالآيات التالية.
وقد استوى جبريل للنبي في الأفق الأعلى بمنظر وهيبة عظيمين: ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى﴾ (٦ - ٧)
ثم اقترب من النبي متدلّيا من الأفق حتى صار شديد القرب منه: ﴿ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى * فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى﴾ (٨ - ٩)
فأوحى تعالى إلى عبده محمد، بواسطة جبريل، ما قضى تعالى بإيحائه:
﴿فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى﴾ (١٠) وفي الآية إشارة ضمنية أن الله تعالى لا يكشف حجب الغيب كاملة حتى لأنبيائه المختارين.
وإذ كان النبي واعيا تمام الوعي لما رأى فلم يكن لديه أدنى شك في حقيقته، بل إن ما رآه الفؤاد - روحانيا - تطابق مع الواقع فلم يكذّبه: ﴿ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى﴾ (١١)
ولمّا لم يكن ما رآه النبي ضلالا فأنّى للمشككين أن يجادلوا فيما لا يعلمون:
﴿أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى﴾ (١٢)
ولقد رأى النبيّ جبريل مرة أخرى ليلة المعراج عندما نزل إليه جبريل، كما سبق أن نزل إليه في غار حراء عندما دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى:
﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى﴾ (١٣ - ١٥) ووصف السدرة بالمنتهى قد يكون إشارة لأنها منتهى ما يمكن أن يعرفه البشر - بمن فيهم الأنبياء - عن الحقيقة المطلقة التي احتفظ بها الخالق ﷿ لنفسه.