ثم تبين أن مجاهدة الكفار والمنافقين إنما تكون بالحجة والفكر والإقناع: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاُغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (٧٣)، وأما قتالهم فقد يضطر إليه المؤمنون بشروطه، وأنه يحرم التوصل معهم إلى حلول وسط في شؤون العقيدة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ (١٢٣)،
وأن الله تعالى لا يترك الناس على ضلالهم، بعد إذ هداهم بالفطرة، أو يعتبرهم ضالّين فيعاقبهم، إلاّ بعد أن تبلغهم الرسالة، ويبيّن لهم طريق الهداية بيانا واضحا تامّا: ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (١١٥).
[المواضيع الرئيسية في سورة التوبة]
بعد فتح مكة وما تلاها من غزوة تبوك وانسحاب هرقل الروم، ثم نقض المشركين في جزيرة العرب عهودهم، بينت سورة التوبة سياسة الإسلام تجاه كل من الطرفين: الناس خارج جزيرة العرب، والمشركين داخلها:
١ - الوفاء بالعهود مع المشركين، أو غيرهم، قاعدة إسلامية هامة، فالوفاء بالعهد من أصول البر ومقتضى الإيمان (الآية ٤)، إلا في حال نقضهم العهد أولا (الآيات ١ - ٣)،
٢ - جزيرة العرب يجب أن تكون خالصة للمسلمين دون غيرهم (الآية ٥)،
٣ - إيضاح سياسة الإسلام تجاه مشركي جزيرة العرب (الآيات ٢٨/ ١)،
٤ - إيضاح موقف الإسلام تجاه أهل الكتاب (الآيات ٢٩ - ٣٥)،
٥ - إبطال النسيء (الآيات ٣٦ - ٣٧)،
٦ - غزوة تبوك، وبيان ما ظهر خلالها من أصناف المنافقين وطبائعهم وجهالاتهم، مما هو عام في المنافقين في كل الأزمنة (الآيات ٣٨ - ١٢٩)، بالتفصيل التالي: