ومع ذلك فما على المسلم سوى البلاغ، لأنه ليس حفيظا على الناس، ولكن الكفار عاملون في الصدّ عن الإسلام، لذا تنتقل سورة محمد إلى موضوع الدفاع عن الإسلام والأمة الإسلامية وحماية العقيدة.
وهنالك ارتباط مباشر بين آخر سورة الأحقاف السابقة: ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ﴾ [الأحقاف ٣٥/ ٤٦] وبداية هذه السورة بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ﴾ [محمد ١/ ٤٧]، أي أن أعمال "الخير" التي قد يقوم بها الكفار تذهب هباء - يوم الحساب - بنتيجة كفرهم وصدّهم عن الإسلام، والسبب تفسره السورة،
وفي سورة الأحقاف أن آلهة المشركين وأوهامهم لا تفيدهم شيئا: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [الأحقاف ٢٨/ ٤٦]، ثم في سورة محمد أن الكفار لا مولى حقيقي لهم: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ﴾ [محمد ١١/ ٤٧]،
وفي سورة الأحقاف أن طيبات الكفار مقتصرة على الحياة الدنيا: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاِسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ [الأحقاف ٢٠/ ٤٦]، وفي سورة محمد أنهم يتمتعون في الدنيا ويأكلون كما تأكل الأنعام: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ﴾ [محمد ١٢/ ٤٧]،
[محور السورة]
يدور حول الدفاع عن الأمة تجاه العدوان ووجوب التضحية في سبيل ذلك:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ [٧/ ٤٧]، وأن عدم الامتثال لأوامر الوحي وترك الدفاع عن العقيدة وحرية الدين سبب