﴿أَمْ تَسْئَلُهُمْ﴾ على البلاغ والإرشاد ﴿أَجْراً﴾ دنيويا ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ﴾ من غرامة مالية ﴿مُثْقَلُونَ﴾ (٤٦)، أي مرهقون بثقل الغرامة؟ والمعنى أنك - أيها النبي أو أيها المؤمن - لا تسألهم أجرا على البلاغ والدعوة.
أم يظنون أنهم محيطون بعلوم الغيب، أم أنهم لغرورهم يظنون أن أسرار الكون قاربت أن تكون في متناولهم بنتيجة تقدمهم العلمي والتقني: ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ (٤٧)
ثم تحض السورة النبي ﵊ ومن ثمّ كل مؤمن - أن لا يستسلم لليأس من سلوك الكفار، كما يئس يونس ﵇ من دعوة قومه:
وأن الكفار كلّما سمعوا القرآن الكريم يتلى عليهم من النبي ﵇ يكادون يزلقونه عن ثباته بعين الشر والبغضاء والعداوة: ﴿وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ﴾ ويتهمونه ﵇ بالجنون:
﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ (٥١)
في حين أن القرآن الكريم ليس سوى النقيض الأكبر لذلك: ﴿وَما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ (٥٢) يذكّر الناس بالفطرة السليمة،
فالجنون الحقيقي في المكذّبين: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)﴾ وهي النقطة التي بدأت منها السورة.