٥٦ - ﴿ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ قيل هو الموت الفكري بمعنى ذهاب المقدرة على التفكير السليم، لأن من يطلب رؤية الله جهرة يكون فاقدا قواه العقلية، وقيل الموت بمعنى الغشيّ أي ذهاب الحواس كما في النوم، وقال بعضهم: هو الموت فعلا، وأنّهم بعثوا بعد الموت.
٥٧ - ﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ﴾ بيان المزيد من نعمه تعالى عليهم والمعجزات التي خصّهم بها، سخّر تعالى السحاب كي يظلّهم في صحراء سيناء حيث لا يوجد ملجأ من حرارة الشمس، وعندما نذكر أعداهم الكبيرة التي هاجرت من مصر إلى فلسطين عبر الصحراء القاحلة، فلولا هذه النعمة لأهلكتهم شمس الصحراء الحارقة ﴿وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾ وتلك معجزة أخرى استمرت خلال فترة أربعين عاما من التيه في سيناء، قالوا:
إنّ المنّ يشبه بذور الكزبرة وكانت تنبت بعد هطول الندى على الأرض ليلا، والسلوى طيور السمّان كانت تأتيهم بكميات وفيرة أنقذتهم من المجاعة، وقيل:
إنها كانت طيور مهاجرة من إفريقية، ولا سيّما مصر، تصل إلى سيناء تعبة فتقع على الأرض أو تسفّ فتؤخذ باليد ﴿وَما ظَلَمُونا﴾ بمعصيتهم وذنوبهم ﴿وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ظلموا أنفسهم بأن كفروا هذه النعم، وضرر الكفر يعود عليهم.