لأن النهي عن أكل أموال الناس بالباطل يتطلب عدم تمني أموال الآخرين والطمع فيها وحسد أصحابها، وتفضيل بعض الناس على بعضهم الآخر بالكسب الدنيوي على سبيل الابتلاء ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبُوا﴾ أي ممّا اكتسبوا من الفضل بجهودهم أو بالميراث، ولأن الفضل ينال بالجهد وليس بالتمني ﴿وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبْنَ﴾ بجهودهنّ أو بالميراث، والتمييز بين الرجال والنساء عائد لخصوصية ووظائف كل منهما الفطرية ﴿وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ لأنه مهما كانت براعة الإنسان في طلب الرزق الكسبي فهو يحتاج للتوفيق الإلهي بما هو خارج عن الإرادة البشرية ﴿إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ هو العالم بتوزيع الأرزاق على عباده، والحكمة منها.
٣٣ - تتمة الخطاب في المواريث: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ الموالي هم الورثة أي الذين لهم الولاية على الإرث ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ﴾ هم الزوج والزوجة لأن النكاح يسمّى عقدا قال تعالى: ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ﴾ [البقرة: ٢/ ٢٣٥]، وهنا ذكر تعالى الوالدين والأقربين والزوج والزوجة جميعا، والمعنى لكلّ مال جعلنا موالي، أي ورثة يلون الوالدين والأقربين والزوج والزوجة في حيازة المال، ويحتمل المعنى أيضا أن يكون الوالدان والأقربون والأزواج هم الورثة فيكون تقدير الآية: ولكلّ امريء جعلنا ورثة يرثون ماله، والورثة هم الوالدان والأقربون والزوج أو الزوجة، وعندها يلزم الوقف بعد كلمة ﴿تَرَكَ،﴾ ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ من الإرث حسبما نصّ عليه الشرع ﴿إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ فيحاسبكم على عملكم.