للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَعِظُوهُنَّ وَاُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاِضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً﴾ (٣٤)

٣٤ - تتمة الخطاب من الآية (٣٢)، وقد ذكر الزمخشري أن قوامة الرجل على المرأة إنما تستحق بالفضل، وهو مفهوم الآية، وليس بالتغلب والقهر والاستطالة: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ﴾ تقدير الخطاب: الرجال قوّامون على رعاية النساء - بحذف المضاف - وحذف المضاف شائع في التنزيل كقوله تعالى: ﴿رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ﴾ [آل عمران: ٣/ ١٩٤] أي على لسان رسلك، وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النّاسِ﴾ [الأنبياء: ٢١/ ٦١] أي على مرأى أعين الناس، والمعنى أن الرجال يقومون على النساء بالرعاية والإنفاق والحماية والولاية، وهذه القوامة هي المشار إليها بقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: ٢/ ٢٢٨].

﴿بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ أي سبب هذه القوامة أنه تعالى فضّل الرجال على النساء ببعض الأمور الفطرية وبالميراث، وفي تفسير المنار أنّ قوله تعالى: ﴿بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ ذو مغزى إذ لم يقل بما فضّلهم عليهنّ ومعنى ذلك أن الرجل والمرأة أحدهما من الآخر أي هما بمنزلة الأعضاء من جسد الشخص الواحد وبحيث يكون الرجل بمنزلة الرأس والمرأة بمنزلة باقي الجسد، وهذه القوامة هي للرجل في بيته وداخل أسرته فقط، وأيضا فإنّ التفضيل عام أي لجنس الرجال على جنس النساء وليس تفضيلا لكل رجل على كل امرأة، إذ هنالك الكثير من النساء اللواتي يتفوّقن على الرجال في العلم والعمل والكسب ﴿وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ﴾ لمهر الزوجة وبما يجب عليهم من النفقة على الزوجة والأولاد ﴿فَالصّالِحاتُ قانِتاتٌ﴾ أي إنّ الصالحات منهنّ مطيعات لله ولأزواجهنّ بالمعروف ﴿حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ يحفظن حرمة وأسرار الزوجية ﴿بِما حَفِظَ اللهُ﴾ لأن الله أمر بحفظها.

<<  <  ج: ص:  >  >>