٨٩ - ﴿أُولئِكَ﴾ الأنبياء الثمانية عشر الذين تقدّم ذكرهم، مع أممهم، لأنه ذكر مع الأنبياء آبائهم وذرّياتهم وإخوانهم، ثم قال يهدي به من يشاء من عباده، أي أن الأمم أوتيت الكتاب والحكم والنبوّة بظهور الأنبياء فيها ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ الكتاب إسم جنس للوحي الإلهي، والحكم هو الحكمة الناتجة عن معرفة وفهم ما في الوحي من الأحكام والعمل بمقتضاه ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ﴾ من كفار قريش، أو غيرهم من العرب، أو أهل الكتاب، أو الكفار في كل العصور والأمكنة ﴿فَقَدْ وَكَّلْنا بِها﴾ (أي بالرسالة) ﴿قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ﴾ وهم المسلمون في كل الأزمنة، لأن الله تعالى يوكّل بالرسالة أقواما آخرين يستحيل أن يكفروا بها، بل يتمسكوا بها ويعملوا بمقتضاها، فهنالك دوما من هو جدير بحمل راية الدين، وهؤلاء الأقوام موجودون في الدنيا على مرّ العصور وليسوا مقتصرين على جنس معين، وقد يتتابعون في حمل راية الإسلام من قوم إلى قوم آخرين فيشرّفهم تعالى بحمل رسالته، وهذه الآية إخبار بالغيب، واستخدام الفعل الماضي للدلالة أنّ نصره تعالى لدينه واقع لا محالة.
ويحتمل المعنى أيضا أنه بعد كفر أهل الكتاب من بني إسرائيل، ثم رفضهم آخر أنبيائهم المسيح ﵇، ثم انحراف المسيحية نحو ديانة بولس، فقد وكلّ تعالى الرسالة السماوية إلى المسلمين من ذرية إسماعيل.