للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزمن الدنيوي ذو حقيقة ظاهرة فقط: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [٤/ ٧٠]، ولكن الإنسان خلق هلوعا جزوعا أنانيا: ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾ [١٩/ ٧٠ - ٢١]، إلا المصلّين، المتصفين منهم بصفات الأخلاق السامية:

﴿إِلاَّ الْمُصَلِّينَ﴾ [٢٢/ ٧٠]، وفي حين يرفض الكفار إبصار حقيقة الوجود الإلهي ويحاولون إيجاد مفهوم للخليقة خاص بهم: ﴿فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ [٣٦/ ٧٠ - ٣٨]، فإنّ الحكمة الإلهية اقتضت إمهالهم حتى يوم الدين: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [٤٢/ ٧٠]،

[النظم في السورة]

﴿الكثرة من الكفار ترتكب الشرور والجرائم كونها تنكر حقيقة الآخرة أو تستبعدها، ثمّ إنّ أمور بعضهم قد تزدهر في الحياة الدنيا، ممّا يجعل البعض الآخر يشكّ في حقيقة الأمور ويسأل أو يتساءل أولا إن كانت العدالة ستتحقق؟ وفي حال الإيجاب متى يكون ذلك؟ ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ (١)

فالجواب عن السؤال الأول تجيب عنه الآية ٢: ﴿لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ﴾ (٢) إذ العقاب واقع بالكفار لا محالة،

وأن لا شيء يدفع العذاب عنهم من الله ﷿ الذي يمكن التوصل لمعرفته بوسائل متعددة: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾ (٣)،

أمّا جواب "متى؟ " فتشير إليه (الآية ٤) بشكل خفي: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)﴾، والمعنى أن لا حقيقة مطلقة لمفهوم الزمن الدنيوي، فالله تعالى بلا بداية ولا نهاية، وإنّما خلق تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>